Site icon نمبر 1

ما هي الصواريخ البالستية وفرط الصوتية؟

بي بي سي

في الأول من أكتوبر الجاري ، أطلقت إيران نحو 200 صاروخًا باتجاه إسرائيل. وقالت وسائل إعلام إيرانية إن الحرس الثوري استخدم في الهجوم للمرة الأولى صواريخ فرط صوتية، إلى جانب صواريخ بالستية.

فما هي الصواريخ فرط الصوتية؟ وما هي الصواريخ البالستية؟

الصواريخ البالستية: رمية رمح محسوبة بعناية

إطلاق الصواريخ البالستية يشبه إلى حد كبير رمي الرمح. حين يقذف الرامي الرمح، يدفعه بيده بزاوية إلى الأعلى ويفلته. يستمر الرمح في الاندفاع بفضل القوة الأولية التي اكتسبها من يد الرامي، وينطلق إلى الأعلى حتى تتغلب قوة الجاذبية على قوة الدفع، فيَصِلُ الرمح إلى أعلى ارتفاع ممكن، قبل أن يعود للانحدار تدريجيًا نحو الأرض، إلى أن يصيب هدفه، فيكون مساره في الهواء أشبه بالقوس المنحني الذي يشبه القطع المكافئ، وهو ما يسمى بالمسار البالستي.

من هنا جاءت تسمية الصواريخ البالستية، بحسب قاموس “ميريام ويبستر” تعني كلمة “بالستي” بالإنجليزية “مقذوف”، وهي كلمة تصف سلوك الأجسام حين تسير بالطريقة نفسها التي تسير بها المقذوفات، مثل الرمح أو الحجر أو القذيفة المدفعية أو غيرها؛ فجميع هذه المقذوفات تتشارك في تلقّيها قوة دفع عند انطلاقها فقط، ثم تسير بتأثير من اندفاعها وقوة الجاذبية ومقاومة الهواء، دون الحصول على دفع إضافي أو توجيه أثناء تحليقها في مسارها الذي يتبع الشكل القوسي “المسار البالستي”، تمامًا مثل الرمح الذي يتلقى قوة دفعه فقط من يد الرامي، ولا يتلقى أي دفع إضافي أثناء تحليقه في الهواء.

وبحسب منظمة “مبادرة التهديد النووي”، فإن الصواريخ البالستية تتلقى قوة دفعها الأولى من محركاتها الصاروخية عند الانطلاق فقط، وهذه المحركات قد تكون محركًا واحدًا، أو محركات عدة تعمل على أكثر من مرحلة.

وبعد نفاد الوقود وتوقف المحركات، تستمر الصواريخ في الصعود بفضل قوة الدفع التي اكتسبتها عند الانطلاق، ثم تصل إلى أعلى نقطة ممكنة حيث تعود الجاذبية لتتغلب على قوة الدفع، فيعود الصاروخ إلى الأرض بشكل تدريجي، ويسير بمسار قوسي إلى هدفه.

كم يبلغ مدى الصواريخ البالستية؟

تستطيع الصواريخ البالستية الوصول إلى مدى كبير بفضل مسارها القوسي، فهي تغطي المسافة منذ الانطلاق وحتى الوصول إلى أعلى نقطة لها، ثم تغطي المسافة من تلك النقطة وحتى عودتها إلى الأرض. بحسب “رابطة الحد من الأسلحة”، وتصنف الصواريخ البالستية بناء على مداها إلى 4 فئات:

الصواريخ قصيرة المدى: ويبلغ مداها الأقصى 1000 كيلومتر.

الصواريخ متوسطة المدى: يبلغ مداها بين 1000 و 3,500 كيلومتر.

الصواريخ فوق – متوسطة المدى: ويبلغ مداها ما بين 3,500 و 5,500 كيلومتر.

الصواريخ طويلة المدى أو العابرة للقارات: ويبلغ مداها أكثر من 5,500 كيلومتر.

هل صحيح أن الصواريخ البالستية تغادر الغلاف الجوي؟

توجهنا بهذا السؤال إلى الباحث الزائر لشؤون التحليل الدفاعي والعسكري في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، ساشا بروشمان، الذي أجاب بأن بعض الصواريخ البالستية وليس كلها يغادر الغلاف الجوي، إذ “يعتمد ذلك على مدى الصواريخ، وكلما كان الهدف الذي تريد إصابته أبعد، يتوجب عليك قذف الصاروخ إلى ارتفاع أعلى”، فالصواريخ قصيرة المدى لا تغادر عادة الغلاف الجوي، والصواريخ متوسطة وبعيدة المدى تغادره على الأغلب، أما الصواريخ العابرة للقارات، فهي وبشكل شبه أكيد تسير في ارتفاع خارج الغلاف الجوي.

كيف يتم إطلاق الصاروخ البالستي؟

بحسب وثائق وزارة الدفاع الأمريكية، يتم إطلاق الصاروخ البالستي على 3 مراحل:

المرحلة الأولية: تبدأ منذ لحظة إطلاق الصاروخ وحتى توقف محركاته وإكمال الصاروخ مساره دون قوة دفع إضافية. تستمر هذه المرحلة من 3 إلى 5 دقائق، وتحدث في معظمها داخل الغلاف الجوي.

المرحلة الوسطى: تبدأ عند توقف المحركات، يستمر عندها الصاروخ في الاندفاع نحو أعلى نقطة في مساره، ثم يبدأ في الانحدار نحو الأرض. وتستغرق هذه المرحلة وقتًا هو الأطول بين المراحل الثلاث. في الصواريخ العابرة للقارات مثلًا، يمكن أن تستغرق هذه المرحلة نحو 20 دقيقة.

المرحلة النهائية: تبدأ هذه المرحلة عند انفصال الرأس المتفجر عن الصاروخ وعودته إلى الغلاف الجوي باتجاه هدفه. تستمر هذه المرحلة لوقت قصير قد لا يتجاوز الدقيقة الواحدة.

هل الصواريخ البالستية أسرع من الصوت؟

سرعة الصوت في الهواء تتغير بحسب درجة حرارته وعوامل أخرى، وبحسب “الموسوعة البريطانية” تبلغ سرعته في الهواء الجاف وفي درجة حرارة 32 مئوية نحو 331 مترًا في الثانية.

بحسب الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء الأمريكية “ناسا”، يمكن تصنيف الأجسام بحسب سرعة مسيرها في 3 مجموعات:

أجسام دون سرعة الصوت: وهي التي تسير بسرعة أقل من سرعة الصوت.

أجسام أسرع من الصوت: وهي التي تسير بسرعة تتجاوز سرعة الصوت، لكن أقل من خمسة أضعاف سرعته.

أجسام فرط صوتية: وهي أجسام تسير بسرعة تتجاوز خمسة أضعاف سرعة الصوت.

بحسب بروشمان، فإن سرعة الصواريخ البالستية تعتمد على نوع الصاروخ ومرحلة الإطلاق. خلال المرحلة الأولية، يسير الصاروخ بسرعة “بطيئة” نسبيًا، خلال المرحلة الوسطى، وخاصة خارج الغلاف الجوي، يمكن لسرعة الصاروخ أن تصل بسهولة إلى ما يتجاوز 10 آلاف كيلومتر في الساعة، “الصواريخ العابرة للقارات تستطيع الوصول إلى سرعة تبلغ 15 ضعف سرعة الصوت خارج الغلاف الجوي. لكن حين تعود الصواريخ إلى الغلاف الجوي، عليها إبطاء سرعتها قليلًا لتجنب الاحتراق بسبب قوة الاحتكاك الكبيرة بالهواء.

“تعتمد سرعة عودة الصاروخ إلى الأرض على الدرع الحراري الذي يحمي الرأس الحربي من الحرارة العالية عند عودته، والتكنولوجيا المستخدمة هنا لها حدودها”، وكلما “كان الرأس الحربي والمواد المستخدمة لحمايته أفضل، كلما ازدادت درجة الحرارة التي يستطيع تحملها وبالتالي ازدادت السرعة التي يستطيع فيها العودة إلى الأرض” وكلما ازدادت السرعة التي يعود فيها إلى الأرض، ازدادت صعوبة اعتراضه. عمومًا “معظم الصواريخ البالستية تبلغ سرعتها آلاف الكيلومترات في الساعة لحظة ارتطامها بالهدف”.

هل يعود الصاروخ بأكمله إلى الأرض؟

ما يعود من الصاروخ هو جزء صغير منه يعرف بـ “مركبة العودة”، وتحتوي هذه المركبة على الرأس الحربي ونظام التوجيه “إن وُجد”، يقول بروشمان إن “الصواريخ الكبيرة مثل العابرة للقارات، قد تمتلك 3 مراحل من الدفع الصاروخي، ما يعني أنها ستُلقي خلال مسارها 3 معززات أو محركات صاروخية”.

https://www.bbc.com/ws/av- embeds/articles/ckgnep2x8gvo/ p0jtz23b/ar

لماذا تتوهج الصواريخ في السماء؟

خلال الضربة الصاروخية الإيرانية الأخيرة، تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر الصواريخ متوهجة في السماء وهي تسير باتجاه أهدافها، طلبنا من المحلل العسكري ساشا بروشمان تفسيرًا لهذه المشاهدات، وكان ردّه: يحدث هذا التوهج نتيجة “تسخين الهواء المضغوط” عند عودة الرأس الحربي للصاروخ إلى الغلاف الجوي. تمامًا مثلما يحدث عند دخول المكوك الفضائي الغلاف الجوي، أو خلال عودة صواريخ “سبيس إكس”.

صاروخ فرط صوتي: المراوغة وليس فقط السرعة

إذا كان الصاروخ البالستي يسير بسرعة هائلة تتجاوز خمسة أضعاف سرعة الصوت، فما الجديد إذن في الصاروخ فرط الصوتي؟

التحليق بسرعة فرط صوتية ليس شيئًا جديدًا، إذ يمكن إطلاق صفة “فرط صوتي” على أي سلاح يتحرك بسرعة تتجاوز 5 أضعاف سرعة الصوت، والصواريخ البالستية عادة ما تحلق في بعض مراحل إطلاقها بهذه السرعة.

بحسب المركز الأمريكي للسيطرة على الأسلحة والحد من انتشارها، فإن الفرق الجوهري بين الصواريخ البالستية والصواريخ فرط الصوتية، هو قدرة الأخيرة على المناورة ومراوغة الدفاعات الجوية والتحليق بشكل موجه خلال دخولها الغلاف الجوي بسرعات كبيرة، دون التقيد بالمسار القوسي للمقذوفات. وذلك على عكس الصاروخ البالستي الذي يفتقر للمناورة والتوجيه بمجرد نفاد وقوده وعودته إلى الأرض باتجاه هدفه، فيعتمد فقط على القوى الفيزيائية مثل الجاذبية لإكمال مساره القوسي.

المحلل الدفاعي والعسكري ساشا بروشمان يرى أن أي سلاح يجب أن يحقق ميزتين أساسيتين كي يكتسب صفة “فرط صوتي: السرعة، والقدرة على المناورة”. في المرحلة الأخيرة للصاروخ فرط الصوتي، ينفصل عنه جزء يُعرف بمركبة العودة الانزلاقية، وتكون مصممة للعودة إلى الغلاف الجوي بسرعة تتجاوز خمسة أضعاف سرعة الصوت، وفي الوقت ذاته تكون قابلة للمناورة وتغيير مسارها في هذه السرعة.

في حالة الصواريخ البالستية، يقول بروشمان إن “مسارها قابل للحساب إذا ما تم رصدها على الرادار. فهي تسير بنفس القوانين الفيزيائية التي يسير بها الحجر حين ترميه من يدك، لكن مع إضافة بعض التعقيدات المتعلقة بمغادرتها ثم عودتها إلى الغلاف الجوي، ويمكن للحواسيب والخوارزميات حساب كل ذلك، وبالتالي هناك إمكانية لاعتراض الصواريخ البالستية. صحيح أن ذلك صعب، لكن كما رأينا في أوكرانيا وإسرائيل، التكنولوجيا المتعلقة باعتراضها قد تطورت”.

أما في حالة الصواريخ فرط الصوتية، يقول بروشمان إن المركبات الانزلاقية فرط الصوتية تضيف فكرة أنه “بإمكانك المناورة بالرأس الحربي، بحيث تستطيع تجنب الرادارات وجعل مسارك أقل قابلية للتنبؤ”.

صواريخ الكروز: الطيور الخجولة

تحلق صواريخ كروز أو “الصواريخ الجوالة” على ارتفاع منخفض قد يصل إلى بضعة أمتار فقط فوق سطح الأرض، وهذا يكسبها ميزة من حيث صعوبة رصدها، بحسب منظمة “مبادرة التهديد النووي”.

وعلى عكس الصواريخ البالستية، عادة ما تحلق صواريخ الكروز بسرعة بطيئة نسبيًا وبأقل من سرعة الصوت.

صواريخ كروز تعتمد على قوة دفع محركاتها طوال فترة رحلتها، وعادة ما تعتمد على محرك نفاث يشبه محركات الطائرات.

لا يتبع صاروخ الكروز المسار القوسي للمقذوفات لتوجيه نفسه، لكنه يعتمد على أنظمة متقدمة تكنولوجيًا، مثل أنظمة تخطيط التضاريس، والجي بي إس، ومستشعرات الحركة في سبيل إبقاء الصاروخ على مسار مبرمج مسبقًا. مع اقتراب صواريخ كروز من هدفها يمكن للمُشغلين استخدام كاميرا مثبتة في مقدمة الصاروخ لرؤية ما يراه. وهذا يمنحهم الخيار لتوجيه الصاروخ يدويًا إلى هدفه أو لإلغاء الضربة.

هل هناك صواريخ كروز فرط صوتية؟

طرحنا هذا السؤال على بروشمان، فأجاب: “معظم صواريخ الكروز تحلق بسرعة تتراوح بين 800 و 900 كيلومتر في الساعة، أي بنفس سرعة الطائرات المدنية. هناك طرازات من صواريخ الكروز تحلق بسرعة أعلى من سرعة الصوت. قبل عشرين عامًا، طورت الهند وروسيا معًا صاروخ “براهموس”، ومن المحتمل أنه استطاع الوصول إلى سرعة تبلغ ضعفين إلى ثلاثة أضعاف سرعة الصوت.

يضيف بروشمان: “صواريخ الكروز فرط الصوتية ما تزال قيد التطوير، ولا أعلم على وجه اليقين ما إذا تمكنت دولة ما من تطويرها واختبارها ونشرها ميدانيًا. الولايات المتحدة أجرت بضع اختبارات، لكنها ليست راضية عن النتائج بعد. روسيا تقول إن لديها صاروخ كروز فرط صوتي يُدعى “زركون”، وإيران كذلك تقول إن لديها “فتاح 2″، لكنّي لا أصدق صحة هذه الادعاءات”.

Exit mobile version