أخبار عالمية

هل يدفع الاستعراض النووي لزعيم كوريا الشمالية واشنطن لإعادة

واشنطن- (د ب أ)

شهدت العلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة توترات متزايدة في الآونة الأخيرة، حيث قام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون باستعراض القدرات النووية لبلاده بشكل لافت.

ويعكس هذا الاستعراض توجهات جديدة في السياسة العسكرية لكوريا الشمالية، مما حدا ببعض المراقبين للتساؤل هل سيدفع ذلك واشنطن إلى إعادة تقييم استراتيجياتها تجاه هذه الدولة؟.

يقول الدكتور جون ميريل، خبير الشأن الكوري، في تقرير نشرته مجلة “ناشيونال إنتريست” الأمريكية إن مشكلة كوريا الشمالية تفاقمت بشكل مفاجئ الشهر الماضي عندما كشف زعيمها كيم جونج أون عن منشأة جديدة لتخصيب اليورانيوم قادرة على إنتاج يورانيوم عالي التخصيب يستخدم في تصنيع الرؤوس الحربية النووية. كما استأنفت بيونج يانج اختباراتها للصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، حيث أطلقت صاروخ كروز استراتيجي جديد وصاروخا باليستيا برأس حربي كبير للغاية.

ولم يتم الكشف عن موقع منشأة التخصيب الجديدة، لكن البعض تكهن بأنها بالقرب من مجمع كوريا الشمالية النووي في يونجبيون.

ونشرت وكالة الأنباء المركزية الكورية صورا لكيم وهو يمشي بين صفوف من أجهزة الطرد المركزي التي تُستخدم في إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب المستخدم في إنتاج الأسلحة.

وتتفاوت التقديرات، لكن بعض المحللين يعتقدون أن كوريا الشمالية قد تتمكن من إنتاج ما يكفي من اليورانيوم لصنع ما يصل إلى 200 سلاح نووي بحلول عام 2027.

ويضاف إنتاج المنشأة الجديدة لأجهزة الطرد المركزي إلى هذا العدد. وخلال زيارته لمنشأة التخصيب، دعا كيم إلى توسع هائل في القدرة النووية للبلاد.

ويبدو أن أجهزة الطرد المركزي تتمتع بتصميم جديد وأكثر كفاءة، ما يستلزم مراجعة التقديرات المتعلقة بالقدرة النووية لكوريا الشمالية. ولا يزال غير واضح متى بدأ تشغيل منشأة التخصيب الجديدة، لكنها تبدو حديثة نسبيا.

وزار كيم جونج أون منشأة التخصيب يوم الجمعة 11 سبتمبر، وكان فريق من الأكاديميين الأمريكيين بقيادة سيجفريد هيكر من جامعة ستانفورد قد زار المنشأة في عام 2010.

وبعد فترة وجيزة من زيارة كيم، أفادت وكالة الأنباء المركزية الكورية بأن بيونج يانج أطلقت صاروخين جديدين باتجاه بحر اليابان، أحدهما كان صاروخ “هواسونجفو-11 دا-5ر4″، والآخر كان صاروخ كروز مطور.

وكان الصاروخ الأول مصمما لحمل رأس حربي تقليدي كبير للغاية، بينما وُصف الصاروخ الثاني بأنه “استراتيجي”، وهي كلمة تستخدم عادة للإشارة إلى الرأس الحربي النووي.

وأشرف كيم جونج أون شخصيا على كلا الاختبارين. وعلى عكس المرات السابقة، لم تكن ابنته برفقته، حيث ظهرت معه كثيرا في المناسبات العسكرية. وخلال اختبارات الصواريخ، نُقل عن كيم قوله إن الوضع الدولي الحالي يتطلب من بيونج يانج إعطاء الأولوية للقوة العسكرية.

وبعد تجارب الصواريخ والأسلحة النووية، زادت هذه الصور من دعم الجمهور الكوري الجنوبي لسياسة “الكُمون النووي”، أي تطوير القدرة التكنولوجية التي تسمح بالاقتراب من امتلاك الأسلحة النووية دون إنتاجها فعليا.

ووفقا لاستطلاعات الرأي، فإن أكثر من 70% من الكوريين الجنوبيين يدعمون توسيع القدرات النووية دون الإنتاج الفعلي، على الأرجح لتجنب خلق مشاكل مع الولايات المتحدة.

ويقول ميريل إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تبدو عاجزة عن تطوير أي استراتيجية جديدة تجاه كوريا الشمالية. ويوجه الرئيس السابق دونالد ترامب إشارات ودية نحو كيم جونج أون، قائلا إنه يستطيع حل المشكلة النووية لكوريا الشمالية عبر بضع مكالمات هاتفية.

ومع ذلك، من غير الواضح ما هي استراتيجية ترامب. وفي المقابل، تكرر نائبة الرئيس كامالا هاريس نفس نقاط الحديث التي يتبناها البيت الأبيض تحت قيادة بايدن، وهي في حملتها الانتخابية قبل وقت قريب من الانتخابات الرئاسية .

وهناك إجماع متزايد بين المتخصصين في السياسات في واشنطن، حول ضرورة أن تعيد الإدارة الأمريكية المقبلة التفكير في أهدافها الأساسية بشأن كوريا الشمالية. ويقول العديد من الخبراء في العاصمة واشنطن إن المطالبة بنزع السلاح النووي كشرط مسبق أمريكي حالت دون إمكانية إبرام اتفاقيات للحد من التسلح أو التصعيد.

ويمكن أن تكون هناك صفقات واتفاقيات مهمة على الطاولة تتعلق بالصواريخ ومنع الانتشار ووقف أو تقليص برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، وغيرها من الأهداف.

ومع ذلك، فإن الاعتراف بوضع كوريا الشمالية النووي ليس إعادة تفكير في السياسات، بل هو إدراك متأخر للغاية بأن الأهداف والتصريحات الأمريكية غير واقعية وتأتي بنتائج عكسية.

ففي عام 2007، قال الرئيس الكوري الجنوبي السابق كيم داي جونج لمجموعة رفيعة المستوى من المسؤولين الاستخباراتيين والدبلوماسيين والأكاديميين في واشنطن إن الولايات المتحدة “أهدرت سبع سنوات” منذ أن عكست إدارة بوش سياسة الولايات المتحدة، وتخلت عن الدبلوماسية واعتمدت فقط على الإكراه والعقوبات.

إن إعادة التفكير المطلوبة يجب أن تشكك في الافتراضات الأساسية وأن تقيّم بصدق الخيارات الواقعية المتاحة الآن. وكان يجب أن يكون هذا من ضمن المسؤوليات اليومية لأجهزة الاستخبارات، وإذا أتيحت لها القيادة والمرونة للقيام بوظائفها، فربما كانت ستخرج الآن بأفكار قابلة للتنفيذ يمكن للفريق الجديد أخذها في الاعتبار.

ويقول ميريل إن أي إدارة جديدة تسعى للنجاح في شمال شرق آسيا يمكن أن تبدأ بالاستماع إلى المفاوض الذي لعب دورا كبيرا في آخر اتفاق ناجح، وهو إطار العمل المتفق عليه لعام 1994.

وأشار المحلل الاستراتيجي روبرت جالوتشي إلى أن “الخطوات المسبقة قد تكون إنهاء نظام العقوبات الذي فقد فعاليته، وإعادة النظر الجادة في تدريباتنا العسكرية لتجنب الاستفزازات غير الضرورية”، مع ملاحظة الحاجة إلى أن تجعل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تطبيع العلاقات مع كوريا الشمالية هدفا طويل الأمد. ويرى ميريل أن هذه نصيحة سليمة من شخص لديه خبرة ذات صلة كبيرة الآن.

وينبغي على الإدارة الأمريكية الجديدة أن تأخذ هذه النصيحة بعين الاعتبار وأن تجري إعادة تقييم موثوقة لافتراضاتها ومصالحها وأهدافها تجاه شبه الجزيرة الكورية وشمال شرق آسيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى