أخبار عالمية

في غزة.. مسعف ينقل جثة امرأة للمستشفى دون معرفته أنها أمه (ف



11:43 ص


الجمعة 01 نوفمبر 2024

بي بي سي

لم يكن عبدالعزيز محمد البرديني المسعف بالهلال الأحمر الفلسطيني يعلم عندما خرج صباح ذلك اليوم لأداء مهمته الإنسانية، أنه سيصادف أقصى صدفة مرت عليه في حياته لتضج بقصته وبالتعاطف معه كل مواقع التواصل الاجتماعي.

بدأت وقائع القصة عندما كان محمد على رأس عمله كمسعف فوصلتهم استغاثة إنسانية من مخيم المغازي بعد تعرضه للقصف، وبعدها بثلاث دقائق وصل طاقم الهلال الأحمر للمخيم لإجلاء الجرحى والقتلى، وكان من بينهم المسعف عبدالعزيز البرديني البالغ من العمر 26 عاماً خاصة أنه وعائلته من سكان هذا المخيم.

يقول المسعف الشاب في حديثه لبرنامج غزة اليوم المذاع عبر بي بي سي: ” قمت بحمل 3 إصابات من بينهم إصابة خطيرة لطفل يبلغ من العمر عشر سنوات لكنني فوجئت بأشخاص يرقدون نحوي وبيدهم جثة يقولون لي إن هذه شهيدة، فتسلمتها منهم وقمت بفحصها للتأكد من أنها فارقت الحياة، لكنني كنت مشغولاً بإسعاف الطفل المصاب صاحب الحالة الخطرة خاصة أنه كان مصاباً بنزيف داخلي واستفراغ دموي، فكان هدفي أن أصل به للمستشفى في أسرع وقت ممكن”.

يضيف: “بعد وصولنا للمستشفى سارعت بنقل الطفل للعناية، وبعدما اطمأننت على أنه يحظى بالعناية الطبية اللازمة عدت لجثة المرأة وقمت بنقلها أيضاً لقسم العناية المركزة وطلبت من الطبيب المناوب حينها أن يتأكد من أنها فارقت الحياة وأخبرته أن الحالة بمفردها ولا أعرف أحد من عائلتها، بالفعل فحصها الطبيب وأكد لي أنها فارقت الحياة وحينها رأيت وجهها ومع ذلك لم أتعرف عليها من الوهلة الأولى فقد كانت الشظية اخترقت عينها وشقت رأسها وتسببت لها في نزيف أفقدها حياتها على الفور”.

واستدرك قائلاً: “لكن شيئاً ما دفعني للعودة إليها وتأمل ملامحها مرة أخرى، تفاجأت أنها والدتي وكنت في لحظة ذهول وعدم تصديق، التزمت الصمت تماما لدقائق وأنا أحدث نفسي بأنها لا يمكن أن تكون والدتي، سيأتي شخص ما الآن ويخبرني بأنها والدته أو أخته، لا لا يمكن أن تكون والدتي، لكن الحقيقة كانت أكبر من إنكارها فدخلت في نوبة انهيار تام وقمت بحملها لثلاجة الموتى فالتف حولي زملائي المسعفين وأخذوا يسألونني من هذه؟ فأخبرتهم :”والله أمي وما كنت أعرف”

البرديني أوضح أنه لم يتعرف على جثمان والدته أثناء فحصه لها في موقع الحادث لأنه اعتاد على احترام حرمة البدن الذي هو بين يديه، فلم يشأ أن يقوم برفع الغطاء الذي كانت تغطي به وجهها قائلاً: “تعاملت معها على أنها شهيدة وخلاص، ليس من الضروري أن أكشف عن وجهها، وقمت بإرقادها على مقعد المسعف المخصص لي”.

وعن آخر مرة رآها فيها يقول: “يوم استشهادها استيقظت صباحا فوجدتها قد أعدت لي كوب من الشاي مع ساندويش، ووعدتني قائلة: “مع السلامة حبيبي الله يسهل عليك”.

كما أكد أنه قبل هذه الواقعة قام كمسعف بنقل جثامين 4 من أقرب أصدقائه المسعفين بعد مقتلهم جراء القصف، كما قام بأداء نفس المهمة النفسية مع عدد من أقربائه لكنهم لم يكونوا من أقارب الدرجة الأولى.

واختتم حديثه بتوجيه رسالة لمن بيده الأمر مطالبا فيها بوقف إطلاق النار ورحمة أهل غزة من الموت والفقد الذي بات ينهشهم في كل وقت وأوان.

عبد العزيز محمد البرديني مسعف شاب يبلغ من العمر 26 عاماً تطوع في العمل مع الهلال الأحمر الفلسطيني منذ عام 2017 لارتباطه النفسي بهذا العمل الإنساني ونزولاً على رغبة والده.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى