03:16 م
الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتب – أيمن صبري:
شهدت الساحة الدولية خلال الساعات القليلة الماضية تحركات حثيثة ومتسارعة لإقرار اتفاق وقف إطلاق نار وهدنة مؤقتة في لبنان، تمهيدًا لعملية سلام دائم بين إسرائيل وحزب الله.
يأتي ذلك بعد أشهر من محاولات إخماد النيران الإسرائيلية في الجنوب اللبناني والتي أتت على الأخضر واليابس ودفعت أكثر من مليون ونصف المليون لبناني إلى النزوح شمالًا، وهو ما ارتد من قبل حزب الله بآلاف الهجمات على مدن شمال ووسط إسرائيل.
وتشير تقارير إلى أن وقف إطلاق النار سيستمر إلى 60 يومًا وسيتم خلالها عقد مناقشات لإرساء قواعد وقف دائم للنار، وسيشرف على الهدنة لجنة خماسية تضم الولايات المتحدة وفرنسا وقوات اليونيفيل بالإضافة إلى إسرائيل ولبنان.
ومع اقتراب اتفاق وقف إطلاق النار يبرز السؤال عن الفائز والخاسر في الحرب التي راح ضحيتها الآلاف من القتلى والمصابين.
الفائز صاحب آخر كلمة
يقول المحلل السياسي وخبير الشؤون الشرق أوسطية، الدكتور حسن مرهج، إن الفائز في هذه الحرب هو من فرض اتفاقية وقف إطلاق النار على الآخر وألزمه بها.
وأضاف مرهج لـ”مصراوي” أنه يوم 24 نوفمبر 2024 يوم يؤرخ فيما قامت به المقاومة بإطلاقها 340 صاروخًا ومسيرة استهدفت بها مدن وقرى عدة في الداخل الإسرائيلي.
وأوضح أن صمود المقاومة في الجنوب اللبناني وعدم تمكن إسرائيل من كسر الدفاع الأول على الحدود والخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي، مع الأخذ في الاعتبار الفارق في موازين القوى، جميعها عوامل ساهمت في الإسراع بوقف إطلاق النار.
“نتنياهو وخراب إسرائيل”
من جانبه، قال الباحث الإسرائيلي في معهد ترومان للسلام، روني شاكيد، لسكاي نيوز إن اتفاق وقف إطلاق النار يجب أن يتم في أسرع وقت ممكن وذلك ليس من أجل العرب أو اللبنانيين ولكن من أجل إسرائيل.
وأضاف شاكيد أن نتنياهو ظل يتحدث طوال عام عن فوز شامل ولكن ماذا حدث بعد كل هذه الشهور سوى جلب الخراب على إسرائيل وضربها بأكثر من 26 ألف صاروخ ومسيرة.
وأكد أن اتفاق وقف إطلاق النار هو الأفضل في الوقت الحالي حيث أن الضغوط الاقتصادية ستدفع الداخل الإسرائيلي إلى الانفجار، موضحًا أن نوعية الشعب حاليًا ليست كالوطنيين إبان حروب القرن الماضي.
وشدد على أن نتنياهو فهم أخيرًا وبعد كل هذه الشهور أنه لن يستطيع أن يهزم حزب الله وخاصة أن الحزب لا يحارب وحده فإيران تقف خلفه، لذا رأى أن اتفاق الهدنة هو الخيار الأنسب.
وأشار إلى أن نتنياهو سيسعى بكل طاقته مع دخول وقف إطلاق النار حيز النفاذ، أن يعيد سكان الشمال إلى مدنهم وقراهم وتأمين تواجدهم ليسوق ذلك إلى الداخل باعتباره نصرًا على حزب الله.
وانتقد شاكيد تصريحات إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش الوزيرين بالكابنيت الإسرائيلي، والتي تحدثا فيها عن ضرورة استمرار الحرب، قائلًا اليمين الإسرائيلي المتطرف لا يفهم الشرق الأوسط ولا يشعرون أننا نعيش وسط هذه البقعة من العالم ولا يلقون بالًا للأمريكيين والأوروبيين والمحكمة الدولية.
وبحسب إحصاء صادر عن الجيش الإسرائيلي فقد قتل نحو 95 جنديًا منذ اجتياح لبنان بريًا وأصيب أكثر من 750 ضابطًا وجنديًا، بالإضافة إلى تدمير 38 دبابة ميركافا وإسقاط 4 مسيرات من طراز هيرميس 450 وهيرميس 900 عالية التقنية.
التعادل هزيمة لإسرائيل
بدوره قال الباحث في الشأن الإسرائيلي، غسان محمد، إنه يرى أن إسرائيل هي الخاسر الأكبر في هذه الحرب إذا أخذنا بعين الاعتبار فشل جيش الاحتلال في تحقيق أهداف الحرب وهي القضاء على قوة حزب الله العسكرية رغم الخسائر التي تعرض لها الحزب.
وأضاف محمد لـ”مصراوي” أنه يجب أيضًا النظر إلى تداعيات الحرب على الوضع الداخلي الإسرائيلي وانهيار الاقتصاد والهجرة المعاكسة وهروب رؤوس الأموال وتوقف الاستثمارات وكلفة الحرب التي تجاوزت 68 مليار دولار.
وأردف أن بعض المحللين الإسرائيليين قالوا صراحة إن نتنياهو انتقل من النصر الكامل إلى الاستسلام وتراجع عن الكثير من المطالب الإسرائيلية مقابل الموافقة على وقف إطلاق النار، ما يعني أن حزب الله نجح في إجبار إسرائيل على وقف النار.
وأشار إلى خسارة إسرائيل الرأي العام العالمي وتحولها إلى جهة منبوذة وملاحقة قضائيًا بعد صدور مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو ووزير الحرب السابق جالانت، مع احتمال صدور مذكرات إضافية ضد مسؤولين إسرائيليين آخرين وفق توقعات مصادر إسرائيلية.
ولفت إلى أن إسرائيل لم تنجح أيضًا في إقامة شريط أمني على الحدود مع لبنان ولا في نزع سلاح حزب الله الذي لن يخسر شيئا بعودته إلى شمال الليطاني وفقا للقرار 1701؛ فضلًا عن فشلها في رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد بما يتفق مع رؤيتها السياسية والأمنية.
واختتم غسان: “مع ذلك حتى لو افترضنا أن الحرب انتهت بالتعادل فهذا يعني هزيمة إسرائيل التي تعتبر الطرف الأقوى عسكريا وتكنولوجيا مقارنة بقوة حزب الله العسكرية”.
وبالتزامن مع الحديث عن رجاحة كفة حزب الله إلا أن خسائره كانت حاضرة بقوة لا سيما فقدانه زعيمه حسن نصر الله ومن بعده خليفته هاشم قاسم ونحو 3 آلاف عنصر خرجوا من الخدمة في دقائق بفعل تفجيرات “البيجر” الشهيرة وأكثر من 1300 مقاتل بالميدان.
ويضاف إلى خسائر حزب الله تهجيز الحاضنة الشعبية في الجنوب اللبناني وتدمير ما يقرب من 50% من مباني والمقرات الخاصة بالحزب بالضاحية الجنوبية، بحسب تصريحات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي.
الجميع خاسر
بدوره قال المحلل والخبير بالعلاقات الدولية تشادا ألبايين، إن تحديد الفائز والخاسر يمكن أن يكون معقدًا للغاية في مثل هذه الصراعات، ويعتمد على كيفية تعريف “الفوز” و”الخسارة”.
وأضاف ألبايين في حديثه لـ”مصراوي” أن البعض قد يرى “الفائز” هو الطرف الذي يحقق أهدافه السياسية أو العسكرية على الأرض، بينما يعتبر آخرون أن “الخاسر” هو من يتكبد أكبر الخسائر بالأرواح والبنية التحتية.
وشدد على أن حروب مثل هذه في الأغلب لا تترك سوى الخسائر البشرية والاقتصادية في كلا الطرفين، دون أن يكون هناك “فائز” حقيقي في نهاية المطاف.
وتكبدت لبنان الدولة خسائر اقتصادية تقدر بنحو 8.5 مليار دولار على مدى الأشهر الـ13 الماضية، وفقًا لتقييم أولي أجراه البنك الدولي، كما فقد نحو 166 ألف عامل وظائفهم؛ فضلًا عن تدمير 100 ألف منزل جزئيا أو كليا.
وتسبب الصراع الدائر منذ أكثر من عام في مقتل 3.400 لبناني وإصابة 14.500 آخرين، بحسب إحصائية عن وزارة الصحة اللبنانية صدرت مطلع نوفمبر الجاري.