12:47 م
الخميس 13 فبراير 2025
القاهرة ف- (أ ش أ)
أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن غزة ليست للبيع، فهي بالنسبة للفلسطينيين وللدول العربية جزء من إقليم الدولة الفلسطينية المستقبلية على حدود 1967، جنبا إلى جنب مع الضفة الغربية بلا انفصال بينهما وفي إطار حل الدولتين الذي أجمع عليه العرب والعالم.
جاء ذلك في كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية خلال الجلسة الافتتاحية للدورة العادية (115) للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري، برئاسة البحرين.
وقال أبو الغيط إن دورة المجلس الاقتصادي والاجتماعي، تتزامن في مصادفةٍ حسنة، مع تولي البحرين رئاسة الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، لتقود بذلك مملكة البحرين الشقيقة، خلال هذه المرحلة، دفة العمل العربي المشترك بمختلف جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأعرب عن عميق التقدير إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، على حُسن إداراتها للعمل الاقتصادي والاجتماعي العربي المشترك خلال توليها رئاسة الدورة السابقة لهذا المجلس، طوال الستة أشهر الماضية.
وأضاف أبو الغيط: “ينعقد اجتماعُنا اليوم وسط تطورات سريعة ومتلاحقة لم تخلُ منها يوماً المنطقة العربية، فما إن بدأ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والذي طال انتظاره لما يقرب من عام ونصف، يدخل حيز النفاذ، حتى استأنف الاحتلال الإسرائيلي مخططاته التوسعية في الضفة الغربية، وقام بإعادة تموضع لمعداته العسكرية ومواصلة ارتكاب جرائم الحرب بحق عموم أبناء الشعب الفلسطيني، وبرزت من جديد أصوات إسرائيلية وأمريكية مرفوضة تطالب بتهجير الفلسطينيين أصحاب الأرض، وترحيلهم من ديارهم”.
وجدد أبو الغيط “التأكيد على الموقف الثابت لجامعة الدول العربية، باعتبارها المؤسسة الجامعة لكافة الدول العربية بالرفض التام والمُطلق لأية محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم تحت أي ذريعةٍ كانت، باعتبار أن ذلك يمس مباشرةً أُسس وقواعد القانون الدولي الذي بُني على أساسه التنظيم الدولي المعاصر، مشيرا إلى أن ذلك الأمر ينطوي على إجحاف صارخ بحقوق الشعب الفلسطيني، ويمثل تهديداً مباشراً نحو تصفية القضية الفلسطينية، وهي قضية العرب المركزية، وأتحدث هنا عن الشعوب والحكومات على حد سواء”.
وأبرز أن الحرب الشعواء التي تنتهجها إسرائيل منذ أكتوبر 2023، لم تكشف حتى الآن عن خسائرها النهائية، وإلى جانب الخسائر البشرية، وهي الأكثر كُلفة على الإطلاق، هناك خسائر مادية ضخمة وخسائر معنوية خلّفت ندوباً عميقة في الوجدان والذاكرة العربية، وسيستغرق التعافي منها سنوات وسنوات.
ودعا أبو الغيط إلى مواصلة التحرك العربي الفاعل على كافة الأصعدة الدولية والإقليمية، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، من أجل التخفيف من وطأة التداعيات الكارثية التي تُخلّفها هذه الجرائم الإسرائيلية.
كما دعا المجلس إلى تبني خطط إغاثية طارئة لنجدة الأشقاء الفلسطينيين الذين طالتهم يدُ الإجرام الإسرائيلية، ووضع ضوابط مُحدّدة لمتابعة تنفيذ هذه الخطط على نحو متكامل، وتنسيق المساعدات العربية المُقدّمة إليهم في هذا الشأن.
وأشار إلى خطة الاستجابة الطارئة التي أعدتها دولة فلسطين للتصدي لتداعيات العدوان الإسرائيلي، والتي أخذت قمة البحرين العلم بها ودعت إلى تمويلها وتنفيذها بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، منوها بمشروع “إنقاذ الحياة” للفئات الفقيرة بقطاع غزة، الذي اعتمده المجلس خلال الدورة السابقة، ويشمل الفئات الأكثر تضرراً نتيجة للعدوان الإسرائيلي الغاشم، بمن فيهم كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة والأسر التي تعيلُها النساء، وكذلك برنامج الطوارئ النقدي للأسر المتأثرة بالحرب.
ولفت أبو الغيط إلى أن المجلس معروض اليوم أمامه بندٌ حول دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في دولة فلسطين، وذلك انسجاماً مع خطة الاستجابة الطارئة.
وتابع قائلا: “يناقش اجتماعُنا اليوم، إلى جانب ما سبق ذكره، عدداً من الموضوعات الهامة أيضاً، من بينها الإعداد للملف الاقتصادي والاجتماعي للقمة العربية في دورتها العادية القادمة بجمهورية العراق هذا العام، هذا الملف الذي يشمل بدوره كافة الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية المعروضة على القمة”.
ودعا في هذا الإطار، إلى تضمين هذا الملف القضايا ذات الأولوية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، والتي باتت أكثر إلحاحاً على الأجندة التنموية العربية، خاصةً في ظل تعقّد الجهود الهادفة إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ فالأمر يتطلب إعادة ترتيب الأولويات العربية لتحقيق التنمية العاجلة والعادلة والمنصفة، وضمان تحقيق استجابة إنسانية أكثر فاعلية، أخذاً بالاعتبار خصوصية المنطقة العربية وأبعادها، كما أكد على دور المجالس الوزارية العربية والمنظمات المتخصصة، باعتبارهما الأذرع الفنية للمنظومة العربية وخدمةً لأهدافها.
واستطرد قائلا: “يتزامن هذا العام مع مرور الذكرى الثمانين لإنشاء جامعة الدول العربية (بيت العرب).. ثمانون عاماً من العمل العربي المشترك، واجهت خلالها الجامعة والدول العربية، على حدٍ سواء، العديد من التحديات المصيرية والهيكلية والموضوعية والجماعية.. تحديات لم يكن باليسير تجاوزها أو التغلّب عليها.. غير أن الدول العربية استطاعت، وبفضل استجماع إرادتها، الحفاظ على هذا الكيان الجامع.. وناضلت من أجل مناصرة القضايا العربية، وحماية الهوية الوطنية، والدفاع عن المصالح القومية، طوال الثمانين عاماً الماضية”.
وأوضح أبو الغيط – في ختام كلمته – “أن الظروف الحالية، لا تقل خطورة عن تلك التي عاصرها آباؤنا، وكانت دافعاً لهم نحو التلاحم والتكامل والاندماج وإنشاء كيان جامع لهم، يتمكنون من خلاله من صون الحق العربي والذود عنه، وترسيخ القيم العربية الأصيلة وحماية المصالح القومية، وجديرٌ بنا أن نواصل السير على هذا الدرب النبيل، مُتسلّحين بالإرادة والإصرار، مُجدّدين العزم على القضاء على كل تهديد يواجه أمتَنا.. موفين بالعهد والأمانة التي حُمّلنا إياها”.