“أقتلي ولادك الثلاثة بأيدك”.. النقض تسدل الستار على جريمة بش

09:52 م
الثلاثاء 25 فبراير 2025
كتب ـ عاطف مراد:
في لحظة قسوة لا تصدق، أمسكت “إيمان” طفلتها الأولى “ملك”، وأغرقتها داخل برميل ماء حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، ثم التفتت إلى طفلتها الثانية “جنى” لتسوقها إلى نفس المصير المظلم، قبل أن تنهي حياة الطفل الثالث عقب ولادته “بقطع الحبل السري”.
لم تكن هذه مشاهد سينمائية أو لقطة من فيلم رعب، بل جريمة حقيقية تجردت فيها أم من إنسانيتها، بإيعاز شيطاني من “ضرتها” زوجة الأب، التي خططت ووثّقت الجريمة بالفيديو، مهددة الزوج بقطع المعونة إن لم يُنفذ الأمر.
بدأت المأساة عندما تزوج “أحمد” 33 سنة، عامل بمترو الأنفاق من “هالة” ربة منزل، التي تكبره بقرابة عقدين من الزمن، أقاما في حي المرج، لم يُنجبا أطفالا، كانت الزوجة تُنفق على زوجها الشاب.
في العمل تعرف الزوج على زميلته “إيمان” التى تصغره بسنة واحدة، سرعان ما تزوجا وسكنا في منزل قريب من مسكن الزوجة الأولى، زيجة دامت نحو 5 أعوام رُزقا فيها الزوجين بثلاثة أطفال.
“أحمد” ابن الثلاث عقود كان يقتسم وقته بين مسكني الزوجتين وعمله بالمترو، و بمرور الوقت علمت الزوجة الأولى بزواجة من أخرى، فقطعت عنه الأموال، ومع حاجته لذلك، طالبته بالتخلص من طفلتيه، فرضخ “أحمد” لابتزاز زوجته الأولى، بينما أجبر زوجته الثانية “إيمان” على التخلص من صغارها، كون الزوج دائم الاتهام لزوجته “إيمان” بسوء سلوكها وشكه في نسب أطفاله، وحدث بينهما العديد من الخلافات التي كانت تنتهي بالتعدي عليها وتقييدها داخل المنزل.
في يوما قاتم من عام 2018، السكون يسود منزل “أحمد وإيمان” كالمعتاد، “ملك وجنى” تلعبان في غرفتهن؛ دون أي مقدمات اقتحم الأب وزوجته الغرفة، ظنا أنهما للتو سيلعبان رفقتهن، لكن ما كان ينتظرهما فاق التوقعات، أحضرا برميلا مكتظ عن آخره بالمياه، أجبرا “أحمد” وزوجته الأولى، “إيمان” الزوجة الثانية والدة الطفلتين على إغراقهما في المياه.
بقلب خال من أي رحمة، أحكمت إيمان قبضتها حول طفلتها ملك، أغرقتها في برميل المياه، بينما الزوجة الأولى كانت توثق المشهد بكاميرا الهاتف.
بعدما أيقنت إيمان أن طفلتها فارقت الحياة، أمسكت بالطفلة الثانية لتسوقها إلى نفس المصير، ثم وضعت جثتيهما في إناء مليء بمادة البوتاس، لتشويه معالمهما، قبل التخلص منهما في مصرف قريب من المسكن.
في تلك الأثناء جمع أحمد زوجتيه في مسكن واحد. بعد فترة أنجبت الزوجة الأولى طفلا، قتلته “ضرتها” عقب ولادته بقطع “الحبل السري”.
دأبت الزوجة الأولى على تعذيب “ضرتها” والدة الضحايا، وحبستها في المنزل. في إحدى المرات فقأت عينيها، في ظل صمت الزوج الذي أغرته بالمال “هشتريلك عربية وبيت”.
استغلت إيمان غياب زوجها وضرتها عن المنزل، وخرجت بحثا عن مُنقذها من التعذيب، حتى التقت بجارة لها، قصت “إيمان” على جارتها التي لم تُصدق ما تسمع اعتقدت أن إيمان تكذب فوثقت اعترافاتها بالفيديو، وأبلغت أجهزة الأمن بالواقعة.
وجاء بأوراق القضية أن المتهم قام بإجبار زوجته الثانية على إزهاق أرواح أطفالهم عن طريق وضعهم داخل إناء بلاستيكي مملوء بالمياه أعدته زوجته الأولى، والتي كانت تقوم بتصوير الواقعة بواسطة هاتف محمول خاص به، وتخلص منهما بأحد الأماكن بدائرة قسم شرطة المرج.
سقط الجناه في قبضة الأمن، واعترفت المتهمة الأولى أنها كانت تعمل موظفة بالأمن بمترو الأنفاق، بأن اتفقت مع زوجها “أحمد” والمتهمة الثالثة ـ ضرتها ـ على قتل طفلتيها المجني عليهما “ملك وجنى”، مقابل أن تقوم المتهمة الثالثة بإعطاء المتهم الثاني شقة تمليك بالزاوية الحمراء وتشتري له سيارة ميكروباص، مشيرة إلى أن زوجها كان يشك في صحة نسب الطفلتين له بعدما شككته المتهمة الثالثة في نسبهما له، ثم حملت منه في ولد ذكر وضعته وقامت المتهمة الثالثة بقطع الحبل السري له.
عرضت المتهمة الأولى على استشاري الأمراض النفسية والعصبية، بينما أورد تقرير الطب النفسي أنها تامة الإدراك ولا تعاني من ثمة أمراض نفسية أو عقلية ولا يوجد لديها أعراض دالة على وجود اضطراب نفسي أو عقلي يفقدها أو ينقصها الإدراك والاختيار وسلامة الإرادة والتمييز والحكم الصائب على الأمور ومعرفة الخطأ والصواب.
أورد تقرير الطب النفسي والعقلي لكل من المتهمين الثاني والثالثة أنهما لا يوجد لديهما في الوقت الحالي ولا وقت الواقعة محل الاتهام ثمة أعراض دالة على اضطراب نفسي أو عقلي نافٍ للمسئولية الجنائية، وهما كلا منهما سليم الإدراك والاختيار.
وثبت بتقرير الأدلة الجنائية أن الجثمان المعثور عليه للطفلة التي تم العثور على جثمانها في المحضر رقم 2089 لسنة 2018 إداري الخصوص تتطابق وراثيًا في كونها ابنة للمتهمين الأولى والثانية، وثبت بتقرير الطب الشرعي أن الجثمان المعثور عليه لأنثى في العقد الأول، وأن واقعة الوفاة تحدث وفق التصوير الوارد بإقرار المتهمين.
وأدانت محكمة جنايات شمال القاهرة، رجل وزوجتيه في القضية المعروفة إعلاميا بـ “مذبحة المرج” بالإعدام شنقا بعدما أبدى فضيلة مفتي الجمهورية الرأي الشرعي في أوراق الدعوى، لتؤيد محكمة النقض قرار محكمة الجنايات وترفض الطعن المقدم من الزوجتين، بعد وفاة الأب في محبسه، بعد 6 أعوام من الجريمة المرعبة، ليصح الحكم نهائيًا.